أمي

تستيقظ أمي، تطهو، تصنع القهوة، أو حتى وهي تقلب قنوات التلفاز… ألمس الحنان في كل هذا ألمسه!

توقظني أمي بطريقة أستطيع الآن بعد أن كبرتُ أن أصفها، إنها تنساب نحوي كجدول، عذوبتها توقظ فيّ احساس الحياة فأستيقظ.. أغبطني بقية يومي على هذه البداية!

إني أراها تطهو كل يوم ومع هذا لا يفوتها في كل مرة أن تطهو بحنان، إنني لعشر سنوات أو تزيد أتناول من كف أمي ذات الطعام دون أن أشعر! إحساسها بالحب حين تضيف لطبق الأرز الدائم حساء الملوخية الذي أحب، أو حين تكور الأرز لأتناول الدهشة الممتعة على طعامي، لا أذكر أني انتبهت يومًا لوحدة الصنف المقدم، أمي فنانة على مستوى الحنان، ماهرة في تقديم ذات الشيء في كل مرة بطريقة أكثر دهشة!

ثم وبعد أن قارب طولي كتف أمي أخذت تعلمني صنع القهوة، ومع كثرة المحاولات لم أنجح يومًا في صنع فنجان قهوة كذلك الذي تعدّه أمي!

أذكر كم كانت تضحك وهي تقول: “لا أدري لمَ قهوتك التي تصنعين تبدو أشد مرارة من أي قهوة أخرى؟”

لعلها يا أمي تلخّص شعوري، لا أستطيع أن أبرع بإعداد طبق، فأنا لا أبرع في الشعور كما تفعلين!

لا أفهم كيف أقف في كل مرة على أرفف المطبخ لأعد ذات الطبق لكن في كل مرة بشعور جديد! لا أتقن ولادة المشاعر كل صباح كما تفعلين!

فتضحك كما تضحك الينابيع، وكأنثى تغار من مزايا الأمومة أحاول أن أجاريها في تلك الضحكة فأفشل، ولا أجد صوت ضحكتي إلا ساخرًا مني!

الأمهات شلال من الشعور لا ينضب، لك أن تراقب كيف ستنظر أمك نحوك وأنت تقول لها (أبشّرك) كيف يتدفق ذلك الشلال بغزارة كثيفة حتى لو لم تسعفها بالبشارة في ذات اللحظة لانهمر شلال شعورها عليها وغرقت مسامعها؛ لهذا السبب تغضب الأمهات حينما تؤجل البشارات!

تعامل مع والدتك كما لو كنت تتعامل مع زجاج ثمين ورقيق، قد يكسر في أي لحظة! تصور شعورها وراقب عيناها وأنت تتحدث إليها، ستفهم طبيعة الينبوع حينما تقبّل رأسها دون أن يحول بينكما أي قماش، تلك المنطقة الأعلى من رأسها الأكثر دفئًا في العالم.

8 Comments اضافة لك

  1. mishald كتب:

    تدوينه رائعة ..
    الله يحفظ ويغفر جميع امهاتنا ويجعلنا ممن يبرون بهم ..

    Liked by 1 person

    1. asyehalmotawa كتب:

      شاكرة لك🌷 اللهم آمين آمين🍃

      إعجاب

  2. Joharh World كتب:

    خاطره رقيقة تشف عن نفسك الشاكره الممتنة لحضور الأم.
    كم هو جميل أن ندرك مثل هذه المشاعر و ننغمس فيها في حضرة والدينا عوضا أن نشعرها بعد أن يغادرونا أو نغادرهم.
    حفظ الله والدتك و أنعم عليكما بالحب.

    Liked by 1 person

    1. asyehalmotawa كتب:

      الله وما أروع هذه الروح التي تعي ما يقبع خلف الجدار. ممتنة أنا أيضًا لوجودك هنا أختي جوهرة

      إعجاب

  3. onlydalya كتب:

    مدونة رائعة جدا .. الحمدلله ان الله انعم علي بماما والله يقدرني اخلي يوسف يحس بهالاحساس الرائع وأكون عند حسن ظنهم ♥️🕊

    Liked by 1 person

    1. asyehalmotawa كتب:

      الحمد لله على نعمة الأمهات، والأمهات اللواتي يروقهن مثل هذه المشاعر ويستطعن أن يفهمنها جيدًا هنّ القادرات على إسدائهن لأبنائهن. الله يحمي يوسف وهنيئًا له هذه الأم الطيبة🌷

      Liked by 1 person

  4. tamboul11 كتب:

    اللهم يجعلها من اهل جنة الفردوس

    Liked by 1 person

    1. asyehalmotawa كتب:

      آمين آمين وإياك😭♥️♥️

      إعجاب

اترك رداً على asyehalmotawa إلغاء الرد